الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***
(قول المصنف من جاوز الميقات غير محرم) قال: في النهر كان عليه أن يقول لزمه دم إلا أنه اكتفى بما فهم اقتضاء من قوله بطل الدم (قوله: وما في الهداية من التقييد باستلام الحجر) أي حيث قال: لو عاد بعدما ابتدأ الطواف واستلم الحجر، وكذا في بعض نسخ الدرر، وفي بعضها أو استلم بأو، قال: في الشرنبلالية بعد نقله عبارة المؤلف فليحرر هل مجرد الاستلام مانع للسقوط أو لا بد فيه من الطواف. ا هـ. قلت: الذي يظهر من عبارة العناية عدم اعتبار الاستلام مانعا وذلك أنه قال بعد تعليل المسألة وظهر لك بما ذكرنا أن قوله واستلم الحجر لبيان أن المعتبر في ذلك الشوط. ا هـ. وحاصله أن ذكر الاستلام لإفادة أن المانع هو الشوط الكامل، وليس احترازيا، وكيف يكون الاستلام بمجرده مانعا مع أنه يكون أيضا قبل الابتداء بالطواف تأمل، وقال منلا علي القاري عند قول صاحب اللباب، وإن عاد بعد شروعه كأن استلم الحجر الأولى كأن نوى الطواف سواء استلمه أو لا وسواء ابتدأ منه أو لا بل الصواب أن يقال: بأن نوى. ا هـ. (قوله: وبما قررناه علم إلخ) قرر في النهر كلام المتن بأن قوله ثم أحرم بعمرة يعلم منه ما إذا أحرم بحجة بالأولى، وقوله ثم أفسد أي تلك العمرة أو الحجة، وقضى ما أفسده من الميقات بأن أحرم في القضاء منه، وعزاه إلى الزيلعي ثم قال: وبه اندفع ما في البحر؛ لأن موضوع الأولى ما إذا عاد بعد الإحرام إلى الميقات، وفيها لا فرق بين الحج والعمرة أداء، وقضاء والثانية ما إذا أنشأ إحرام القضاء من الميقات ولذا لم يقل ثم عاد قاضيا. ا هـ. ولا يخفى عليك إن أنصفت ما فيه؛ لأن قوله ثم عاد ليس قيدا احترازيا عما إذا أنشأ الإحرام منه بل ليدخل فيه ذلك بالأولى كما مر؛ ولأن مسألة القضاء لا تختص بما إذا أنشأ الإحرام من الميقات بل كذلك ما إذا عاد محرما ملبيا بالقضاء فلا فرق حينئذ بين القضاء والأداء والمتون مبنية على الاختصار، ولا شك أنه لو اقتصر على الأولى لشمل أداء الحج فرضه ونفله والعمرة وقضاءهما. (قوله: بل إذا فسد الحج ثم قضاه بأن عاد إلى الميقات) كذا في بعض النسخ، وفي غيرها بل إذا فسد الحج ثم عاد بأن قضاه فالحكم إلخ والأولى أظهر. (قوله: والذي يظهر هو الأول إلخ) قال: في النهر الظاهر أن وجود ذلك القصد عند المجاوزة كاف ويدل على ذلك ما في البدائع بعدما ذكر حكم المجاوزة بغير إحرام قال: هذا إذا جاوز أحد هذه المواقيت الخمسة يريد الحج أو العمرة أو دخول مكة أو الحرم بغير إحرام فأما إذا لم يرد ذلك، وإنما أراد أن يأتي بستان بني عامر أو غيره لحاجة فلا شيء عليه. ا هـ. فاعتبر الإرادة عند المجاوزة كما ترى. ا هـ. أقول: وظاهر ما في البدائع أن من أراد النسك يلزمه الإحرام، وإن قصد دخول البستان لقوله أما إذا لم يرد ذلك إلخ، وكذا من يرد الحرم فلا تنفعه إرادة دخول البستان ويؤخذ ذلك أيضا من قوله في لباب المناسك، ومن جاوز وقته يقصد مكانا في الحل ثم بدا له أن يدخل مكة فله أن يدخلها بغير إحرام فقوله ثم بدا له أي ظهر وحدث له يقتضي أنه لو أراد دخول مكة عند المجاوزة يلزمه الإحرام، وإن أراد دخول البستان؛ لأن دخول مكة لم يبد له، وإنما هو مقصوده الأصلي وحينئذ يشكل قولهم، وهذه حيلة الآفاقي إلخ، وقد أشار إلى هذا الإشكال في شرح اللباب ثم قال: والوجه في الجملة أن يقصد البستان قصدا أوليا، ولا يضره دخول الحرم بعده قصدا ضمنيا أو عارضيا كما إذا قصد مدني جدة لبيع وشراء أولا ويكون في خاطره أنه إذا فرغ منه أن يدخل مكة ثانيا بخلاف من جاء من الهند بقصد الحج أولا ويقصد دخول جدة تبعا، ولو قصد بيعا وشراء. ا هـ. ولا تنس ما مر قبيل باب الإحرام أن من كان داخل المواقيت فميقاته الحل فلا يدخل الحرم عند قصد النسك إلا محرما، وعليه فمن قصد البستان قصدا أوليا ثم أراد النسك لا يحل له دخول مكة بلا إحرام وانظر ما كتبناه هناك عن الشيخ قطب الدين. (قول المصنف ثم حج عما عليه في عامه) ذلك عبارة الدرر وصح منه لو خرج في عامه ذلك إلى الميقات، وأحرم وحج عما عليه في ذلك العام قال في الشرنبلالية كذا قيد الخروج إلى الميقات من عامه في الهداية، وفي البدائع ما يقتضي عدم تقييده بالخروج إلى الميقات كما نقله الكمال بقوله فإن أقام بمكة حتى تحولت السنة ثم أحرم يريد قضاء ما وجب عليه بدخول مكة بغير إحرام أجزأه في ذلك الميقات أهل مكة في الحج بالحرم وبالعمرة بالحل؛ لأنه لما أقام بمكة صار في حكم أهلها فيجزئه إحرامه من ميقاتهم. ا هـ. وتعليله يقتضي أن لا حاجة إلى تقييده بتحويل السنة. ا هـ. ولو خرج وأهل من ميقات أقرب مما جاوزه أجزأه كما في الفتح عن المبسوط ثم التقييد بخروجه إلى الميقات يسقط الدم الذي لزمه بمجاوزة الميقات غير محرم بالإحرام منه كما تقدم فإذا أحرم من داخل الميقات لا يسقط عنه دم المجاوزة؛ لأن المتقرر عليه أمران دم المجاوزة ولزوم نسك بدخول مكة بلا إحرام، وقد علمت حكم كل فليتنبه له. ا هـ. (قوله: يشير إلى رد ما ذكره الإسبيجابي إلخ) ظاهره اختيار ما بحثه في الفتح مع أنه غير المنقول (قوله: ثم أذن له مولاه أن يحرم فأحرم) أي من مكة، وقوله لزمه دم الوقت أي لزمه دم لمجاوزة الميقات إذا أعتق أي يؤاخذ به بعد العتق (قوله: لا خصوصية للآفاقي إلخ) يشير إلى حسن تعبير المصنف بقوله، ومن جاوز الميقات الشامل للآفاقي وغيره فهو أحسن مما في الدرر وغيرها (قوله: بل المكي كذلك)، وكذا المتمتع إذا فرغ من العمرة؛ لأنه بمنزلته قال في الهداية: وإذا خرج المكي يريد الحج فأحرم، ولم يعد إلى الحرم ووقف بعرفة فعليه شاة؛ لأن وقته الحرم، وقد جاوزه بغير إحرام فإذا عاد إلى الحرم، ولبى أو لم يلب فهو على الخلاف الذي ذكرناه في الآفاقي والمتمتع إذا فرغ من عمرته ثم خرج من الحرم فأحرم بالحج ووقف بعرفة فعليه دم؛ لأنه لما دخل مكة، وأتى بأفعال العمرة صار بمنزلة المكي، وإحرام المكي من الحرم فيلزمه الدم بتأخيره عنه فإن رجع إلى الحرم، وأهل فيه قبل أن يقف بعرفة فلا شيء عليه، وهو على الخلاف الذي تقدم في الآفاقي. ا هـ. وفي الفتح لم أر تقييد مسألة المتمتع بما إذا خرج على قصد الحج وينبغي أن يقيد به، وأنه لو خرج لحاجة إلى الحل ثم أحرم بالحج منه لا يجب عليه شيء كالمكي ويسقط الدم بالعود إلى ميقاته على ما عرف. (قوله:؛ لأنه أدى أفعالهما كما التزمهما إلخ) قال: في النهر هذا يؤيد قول من قال: إن نفي التمتع والقران معناه نفي الحل كما مر. (قول المصنف، ومن أحرم بحج ثم بآخر) اعلم أن الجمع بين إحرامي حجتين فصاعدا إما أن يكونا معا أو على التعاقب أو على التراخي، وعلى الثالث إما أن يكون بعد الحلق للأول أو قبله، وإذا كان قبله فإما أن يفوته الحج من عامه أو لا (قوله: وهو سهو) قال: في النهر ليس من السهو في شيء بل مبني على رواية الأصل. ا هـ. أي رواية عدم الفرق بين الحجتين والعمرتين كما يأتي، وكيف يكون سهوا، وقد قال في التتارخانية: الجمع بين إحرام الحج والعمرة بدعة، وفي الجامع الصغير العتابي حرام؛ لأنه من أكبر الكبائر هكذا روي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم. ا هـ. (قوله: فإن الثانية تلزمه مطلقا) أي سواء أحرم للثانية قبل الحلق أو بعده (قوله: وإن كان قبل الحلق إلخ) قال: في اللباب، وإن كان قبل الحلق عليه دم الجمع، وهو دم جبر ويلزمه دم آخر سواء حلق للأول بعد الإحرام الثاني أو لا، ولو حلق بعد أيام النحر فعليه دم ثالث. ا هـ. ولزوم دم الجمع مبني على إحدى الروايتين كما سينبه عليه المؤلف قريبا (قوله: لزمه دم عند أبي حنيفة مطلقا) أي سواء حلق بعد ذلك أو لا (قوله: وهما يخصان الوجوب بما إذا حلق) انظر هذا مع ما في النهر من أن لزوم الحج الآخر عندهما، وقال محمد لا يصح ثم رأيته في العناية قال: لكن يرد عليه شيء، وهو أن المذكور من مذهب محمد في هذا الأصل أنه إذا جمع بين إحرامين إنما يلزمه أحدهما، وهو المروي عن الإمام التمرتاشي والفوائد الظهيرية وحينئذ ينبغي أن لا يلزمه دم، وإن قصر لعدم لزوم الآخر فإما أن يكون سهوا في نقل مذهب محمد، ومذهبه كمذهبنا، وإما أن يكون عنه في ذلك روايتان. ا هـ. ولله الحمد والمنة. (قوله: فإنه أوجب دما واحدا للحج) قال: في المعراج، وفي الكافي قيل لا خلاف بين الروايتين؛ لأنه سكت في الجامع عن إيجاب الدم بسبب الجمع، وما نفاه، وقيل بل فيه روايتان كما ذكر في جامع الكشاني. ا هـ. واستوجه في الفتح القول الأول كما يأتي، وفي العناية، وهذه المسألة أيضا تدل على أن مذهب محمد في لزوم الإحرامين كمذهبهما، وإلا لما لزم عنده شيء؛ لأن الجمع غير متحقق لعدم لزوم أحدهما إلا إذا أراد بالجمع إدخال الإحرام على الإحرام، وإن لم يلزم إلا أحدهما فيستقيم (قوله: وقد علمت إلخ) فيه أن الأصل أيضا من كتب ظاهر الرواية (قوله: فينبغي أن يرتفض عند أبي حنيفة بالوقوف بالمزدلفة) قال: في النهر لكن قياس ظاهر الرواية أي الآتي عن المبسوط أن يبطل بالمسير إليها (قوله: ودم عند أبي يوسف) أي للجناية سوى دم الرفض (قوله: لزمه عمرتان وحجتان) عزاه في شرح اللباب إلى منسك الفارسي والطرابلسي والبحر العميق ثم قال: وقال المصنف هكذا أطلقوه، وليس بمطلق بل إن كان عدم حجه من عامه لفوات فعليه عمرة واحدة في القضاء لأجل الذي رفضه، وليس عليه للفائت عمرة؛ لأنه قد تحلل بأفعال العمرة، وإن كان عدم الحج لإحصاره فعليه عمرتان في القضاء لخروجه من الإحرامين بلا فعل. ا هـ. وهو تحقيق حسن كما لا يخفى ا هـ. (قوله: كما اختاره شمس الأئمة، وكذا قاضي خان والإمام المحبوبي كما في الشرنبلالية. (قوله: فيصير جامعا بين العمرتين إلخ) راجع إلى قوله، وأحرم بعمرة، وقوله أو جامعا بين حجتين راجع إلى قوله أو حجة. (قوله: وفي الشريعة هو منع الوقوف والطواف) قال في النهر لا يشمل الإحصار من العمرة وسيأتي أنه يتحقق فيزاد فيه أو الطواف والسعي. ا هـ. أي يأتي في قول المتن، وعلى المعتمر أي إذا أحصر عمرة لكن سيأتي أن السعي واجب في العمرة لا ركن فلا حاجة إلى ذكره فلم يبق لها ركن إلا الطواف، ولا يبعد أن يقال: ذكر الطواف في كلام المغرب شامل لطواف الحج والعمرة تأمل (قوله: وجعل في المحيط ما في التجنيس قول محمد إلخ) قيل الظاهر أنه لا خلاف بين الصاحبين فإن قول محمد محمول على ما إذا لم يخف العجز والمراد بالخوف غلبة الظن كما سبق له نظائر فهذا القيد متفق عليه، والله تعالى أعلم بالصواب. (قوله: ومن الإحصار إلخ) يشير إلى أنه داخل في كلام المصنف لما قدمه من أنه ليس المراد خصوص العدو والمرض بل كل منع فغيرهما داخل فيه بطريق دلالة المساواة أو الأولوية كما هنا كما يشير إليه قريبا، وفي النهر يمكن إدخاله في قوله بعدو بأن يراد القاهر إلا أن الظاهر أن كلامه في محصر يتوقف تحلله على الهدي كما سيأتي وتحلل هؤلاء لا يتوقف عليه. ا هـ. وهذا لا يجري في مسألتنا بل في المسألتين بعدها قال في اللباب المرأة إذا أحرمت بحج نفل، ولو بإذن زوج أو المملوك، ولو بإذن المولى فحللاهما فعليهما الهدي، ولكن لا يتوقف تحللهما على ذبح الهدي بل يحلان في الحال إذا فعل أدنى شيء من المحظورات كقص ظفر بأمر الزوج أو المولى أما إذا أحرمت المرأة بحجة الإسلام، ولا محرم لها، ومنعها زوجها أو مات زوجها أو محرمها في الطريق، وهي محرمة، ولو بحج تطوع فإنها لا تحل إلا بذبح الهدي في الحرم، وإن حللها زوجها لا تتحلل إلا بالهدي في حج الفرض. ا هـ. وتمامه في شرحه (قوله: وأدناه شاة) قال: في اللباب وتجوز البدنة عن سبعة. ا هـ. (قوله: وقيده المصنف في الكافي) أي قيد الخلاف السابق قال في السراج: وهذا الخلاف إذا أحصر في الحل أما إذا أحصر في الحرم فالحلق واجب. ا هـ. وفي الشرنبلالية كذا جزم به في الجوهرة والكافي وحكاه البرجندي عن المصفى بقيل فقال: وقيل إنما لا يجب الحلق على قولهما إذا كان الإحصار في غير الحرم أما إذا أحصر في الحرم فعليه الحلق (قوله: وينبغي أن لا خلاف) أي بناء على الرواية السابقة عن أبي يوسف، وإلا ففي السراج وروي عنه أن الحلق واجب لا يسعه تركه. (قوله: ويناقضه ما قالوه إلخ) أي يناقض ما قالوه في هذا الباب مما حاصله وجوب القران في القضاء ما قالوه في باب الفوات مما حاصله عدم الوجوب، وقوله ولا شك أن المحصر إلخ بيان وجه المناقضة أي إن المحصر الذي لم يدرك الحج فائت الحج فقد دخل تحت قولهم إن القارن إذا فاته الحج أدى عمرته إلخ فحصلت المناقضة، وقوله والحق هو الأول أي ما أفاده إطلاق المصنف وصرح به في المبسوط وغيره من أنه مخير (قوله: وجوابه أن الإحصار بعرفة ليس بإحصار إلخ) دفعه في النهر بأن منشأ اعتراضه التحريف؛ لأن النسخة لو أحصر بعرفة بالنون، وإلا فكيف يصح أن يكون بحيث يدرك الحج (قوله: فكفر الموكل) ظاهره أنه قيد لصحة كون ما في يد الوكيل كفارة لليمين الثانية بسبب عدم الوجوب للأولى، ومقتضى قوله، وكذا لو بعث هديا عدم التقييد تأمل. (قول المصنف، ولا إحصار بعدما وقف بعرفة) اعترضه بعضهم بأنه تكرار محض مع ما يأتي من قوله، ومن منع بمكة إلخ (قوله: وقد ظهر لي إلخ) نقله عنه في النهر، وأقره عليه، وكأن الشرنبلالي لم يقف على ما هنا فاستشكل المسألة أيضا، وفي الرمز للمقدسي، ومر أن ترك واجب الحج لعذر لا شيء فيه، وهو محمول على ما يكون بعدو، وأما المرض فسماوي يعذر به. ا هـ. وقدمنا مثله عن شرح اللباب عند قول المصنف في الجنايات أو ترك السعي (قوله: وإن كان من قبل العباد فإنه لا يكون عذرا إلخ) إن قلت: ينافي هذا الحمل ما ذكره من عدم وجوب شيء بترك الوقوف بمزدلفة خوف الزحام فقد جعلوه عذرا مع أنه من قبل العباد كالخوف من العدو في التيمم قلت: قد مر هناك الاختلاف في أن الخوف من العدو، ومن الله أو من العباد والذي حققه المؤلف هناك وصرح به ابن أمير حاج أنه إن حصل بسبب وعيد من العبد فهو من قبل العباد، وإلا فمن الله تعالى فإن الخوف مطلقا، وإن كان منه تعالى خلقا، وإرادة لكن لما استند إلى مباشرة سبب من العبد أضيف إليه، وما هنا لم يحصل عن مباشرة سبب له فكان مسندا إليه تعالى (قوله: ثم اختلفوا في تحلل المحصر بعد الوقوف) قال الرملي المراد بالمحصر الممنوع؛ لأنه لا إحصار بعد الوقوف (قوله: قيل لا يتحلل في مكانه) أي ليس له أن يحلق في الحل في الحال بل يؤخر الحلق إلى ما بعد طواف الزيارة (قوله: قال العتابي، وهو الأظهر) قال في النهر كأنه لإمكان حمل الإطلاق في الأصل على هذا القيد. ا هـ. واعترض أولا بأنه يلزم على هذا أن لا يكون بينهما خلاف فيكون معنى ما في الأصل من أنه حرام أي على النساء فقط ويأباه ترجيح العتابي بأن ما في الجامع أظهر إذ على فرض صحة هذا الحمل لم يبق حاجة للترجيح وثانيا بأن قوله في الأصل، وهو حرام ظاهر في بقاء الإحرام مطلقا في حق النساء وغيرهن فالحق أنه قول مقابل. ا هـ. قلت: قد يجاب بأن عبارة الأصل، وإن كانت ظاهرة في بقاء الإحرام مطلقا إلا أنها محتملة للتقييد، ولما كانت عبارة الجامع صريحة في ذلك كانت أظهر إذ لا شك أن الصريح أظهر من المحتمل. (قول المصنف ومن منع بمكة عن الركنين) قال: الرملي في الفيض للكركي، ولو حاضت قبل طواف الزيارة، ولم تطهر، وأراد الرفقة العود تهجم وتطوف حائضا وتذبح بدنة، ولكن لا نفتي بالتهجم فإن لم تطف تبقى محرمة أبدا إلى أن تطوف، وكذا الرجل لو لم يطفه. (قوله: الثالث لزوم القضاء) قال: الرملي إن قيل كيف توصف حجة الإسلام بالقضاء، ولا وقت لها فالجواب أن المراد بالقضاء القضاء اللغوي لا القضاء الحقيقي، وقيل؛ لأنه لما أحرم بها تضيق وقتها كما قالوا في الصلاة يفسدها ثم يفعلها في الوقت فالحج أولى بذلك تأمل. (قوله: نعم هو) أي عدم نقل الأمر بالقضاء مما يؤنس به في عدم وقوع الأمر بحسب الظاهر، وإلا لنقل لا أنه يصلح دليلا على عدمه، وقوله لكن ذلك إلخ جواب عن الاستئناس المذكور، وحاصله أن دليل الوجوب مطلقا ثابت فيجب الحكم بعلمهم به، وقضائها كما هو مقتضى ذلك الدليل من غير تعيين من أين علموا بذلك (قوله: من غير تعيين طريق علمي) الذي في الفتح طريق علمهم بإضافته إلى ضمير الجماعة (قوله: ولا عبرة بالقول الرابع) لعل المراد به أنه عليه السلام حج، ولم يعتمر (قوله: ولا فرق بين المكي والآفاقي)، وأما ما في اللباب من قوله ويكره فعلها في أشهر الحج لأهل مكة، ومن بمعناهم. ا هـ. أي من المقيمين، ومن في داخل الميقات فقال شارحه؛ لأن الغالب عليهم أن يحجوا في سنتهم فيكونوا متمتعين، وهم عن التمتع ممنوعون، وإلا فلا منع للمكي عن العمرة المفردة في أشهر الحج إذا لم يحج، ومن خالف فعليه البيان، وإتيان البرهان. ا هـ. وهو رد على ما في الفتح كما تقدم مبسوطا في باب التمتع (قوله: وينبغي أن يكون راجعا إلى يوم عرفة إلخ) قال في النهر هذا ظاهر في أنه فهم أن معنى ما في الخانية من استثناء القارن أنه لا بد له من العمرة ليبني عليها أفعال الحج، ومن ثم خصه بيوم عرفة، وهو غفلة عن كلامهم فقد قال في السراج: وتكره العمرة في هذه الأيام أي يكره إنشاؤها بالإحرام أما إذا أداها بإحرام سابق كما إذا كان قارنا ففاته الحج، وأداء العمرة في هذه الأيام لا يكره، وعلى هذا فالاستثناء الواقع في الخانية منقطع، ولا اختصاص ليوم عرفة. ا هـ. لأنه إذا كان المراد كراهة الإنشاء لا يكون القارن داخلا؛ لأنه غير منشئ فإخراجه مما قبله منقطع فلا يكره في حقه أداؤها في الخمسة قلت: ولا يخفى عليك أن المتبادر من القارن في كلام الخانية المدرك لا فائت الحج وحينئذ فلا شك أن عمرته لا تكون بعد يوم عرفة؛ لأنها تبطل بالوقوف، وليس في كلام المؤلف تعرض لمن فاته الحج، ولا؛ لأن الاستثناء متصل أو منقطع فمن أين جاءت الغفلة (قوله: ثم اعلم إلخ) قال في اللباب: وأحكام إحرامها كإحرامه. (قوله: والظاهر أنه لا فرق إلخ) أقول: ذكر هذه المسألة الحافظ ابن قيم الجوزية الحنبلي في كتاب الروح وذكر فيها خلافا عندهم، وقال: هذه المسألة غير منصوصة عن الإمام أحمد والمتقدمين من أصحابه، وإنما اشترط ذلك المتأخرون كالقاضي، وأتباعه فقيل إن نواه حال فعله أو قبله وصل إليه، وإلا فلا؛ لأنه لو لم ينوه، وقع الثواب للعامل فلا يقبل انتقاله عنه إلى غيره ولهذا لو أدى دينا عن نفسه ثم أراد بعد الأداء أن يجعله عن غيره لم يكن له ذلك، وكذا لو حج أو صام أو صلى لنفسه ويؤيد هذا أن الذين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك لم يسألوه عن ثواب إهداء العمل بعده بل عما يفعلونه عن الميت كما قال سعد أينفعها إن تصدقت عنها، ولم يقل أن أهدي لها ثواب ما تصدقت به عن نفسي، وكذا قول المرأة الأخرى أفأحج عنها، وقول الرجل الآخر أفأحج عن أبي، ولا يعرف عن أحد من الصحابة أنه قال: اللهم اجعل ثواب ما عملته لنفسي أو ثواب عملي المتقدم لفلان فهذا سر الاشتراط، وهو أفقه، ومن لم يشترط ذلك يقول الثواب للعامل فإذا تبرع به، وأهداه إلى غيره كان بمنزلة ما يهديه إليه من ماله، وعلى الأول لا يصح إهداء الثواب الواجب على العامل. وأما على الثاني فقيل يجوز ويجزئ فاعله، وقد نقل عن جماعة أنهم جعلوا ثواب أعمالهم من فرض ونفل للمسلمين، وقالوا نلقى الله تعالى بالفقر والإفلاس المجرد، والشريعة لا تمنع من ذلك. ا هـ. ملخصا. (قوله: ولم أر حكم من أخذ شيئا من الدنيا ليجعل شيئا من عبادته للمعطى إلخ) إن كان المراد من العبادة نحو القراءة والذكر فالمعطى يكون أجرة والمفتى به مذهب المتأخرين من جواز الاستئجار على الطاعات وبنى عليه العلائي جواز الوصية للقراءة على القبر، وإن كان المراد بها الخضوع والتذلل فعدم الصحة ظاهر قال: في حاشية مسكين قال الإمام اللامشي العبادة عبارة عن الخضوع والتذلل وحدها فعل لا يراد به إلا تعظيم الله تعالى بأمره بخلاف القربة والطاعة فإن القربة ما يتقرب به إلى الله تعالى ويراد بها تعظيم الله تعالى مع إرادة ما وضع له الفعل كبناء الرباطات والمساجد ونحوها فإنها قربة يراد بها وجه الله تعالى مع إرادة الإحسان بالناس وحصول المنفعة لهم. والطاعة ما يجوز لغير الله تعالى قال تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} والعبادة ما لا يجوز لغير الله تعالى، والطاعة موافقة الأمر. ا هـ. والظاهر أن المراد الأول، وأن الإجارة غير صحيحة؛ لأن المنصوص على جوازه تعليم القرآن كما يأتي في المتن زاد في التنوير تبعا لصدر الشريعة وغيره تعليم الفقه والإمامة والأذان فهذه المفتى به جواز الإجارة عليها في زماننا، وعللوه بحاجة الناس إليه وظهور التواني في الأمور الدينية وبأن المعلمين كانت لهم عطيات من بيت المال وزيادة رغبة في إقامة الحسبة وأمور الدين كما بسطه تلميذ المؤلف في منحه، وأصل المذهب بطلانها للنهي عن ذلك؛ ولأن القربة متى وقعت كانت للعامل فلا يجوز له أن يأخذ الأجر على عمل، وقع له كما في الصوم والصلاة وتمامه في المنح فقد ظهر من هذا أن إجازة ما ذكر لمكان الضرورة، وأن ما مر عن العلائي غير ظاهر بل جواز الوصية مبني على المفتى به من عدم كراهة القراءة على القبور، ومع هذا لا بد من تعيين القارئ ليكون المدفوع إليه على وجه الصلة دون الأجرة، وإلا فهي باطلة كما في وصايا منتخب الظهيرية. وقد شمل كلام المؤلف بطلان ما اشتهر في زماننا من الوصية بدراهم معلومة لبعض مشايخ الطرق والحفظة ليعملوا للميت تهليلة أو يختموا له ختمات من القرآن فإنه من الإجارة على الطاعة، وليس مما فيه ضرورة نعم إن كان الموصى له معينا قد يقال بالجواز بناء على ما مر عن منتخب الظهيرية وانظر ما يأتي لنا نقله في كتاب الوقف عن الرملي (قوله: وظاهر إطلاقهم يقتضي أنه لا فرق إلخ) لم يرتضه المقدسي في الرمز حيث قال: وأما جعل ثواب فرضه لغيره فمحتاج إلى نقل. ا هـ. قلت: رأيت في شرح تحفة الملوك قيده بالنافلة حيث قال: يصح أن يجعل الإنسان ثواب عبادته النافلة لغيره صوما أو صلاة أو قراءة القرآن أو صدقة أو الأذكار أو غيرها من أنواع البر. ا هـ. لكن سيأتي آخر الباب في مسألة من أهل بحج عن أبويه فعين صح أي جعل الثواب له وسنذكر هناك أن الحج يقع عن الفاعل فيسقط به فرضه، وهو صريح في المراد. (قول المتن النيابة تجزئ) بالزاي والهمزة كذا بخط الإياسي والغزي، وفي نسخة بالجيم والراء المهملة والياء بخط الرازي والعيني وشرح عليها الزيلعي، وكذا فيما بعده، وأجزأ مهموزا معناه أغنى، وأجزى غير مهموز معناه كفى شيخنا عن الشلبي، وقيل من جزأ الأمر يجزي جزاء مثل قضى وزنا، ومعنى كذا في حواشي مسكين (قول المتن، وفي المركب منهما) قال الحموي في قولهم مركبة منهما نظر؛ لأن الشيء لا يتركب من شرطه ويمكن أن يقال: كون الشيء لا يتركب من شرطه في المركبات الحقيقية دون الاعتبارية كذا في حواشي مسكين والأولى ما ذكره في حاشية الدر المختار من أن المال معتبر في الحج اعتبارا قويا بحيث لا يتأتى، ولا يتحصل إلا به غالبا فكان كالجزء (قوله: بل الحق التفصيل إلخ) نقله في النهر، وأقره وتابعه في متن التنوير وحققه في الشرنبلالية، وقال الإمام قاضي خان في شرحه على الجامع الصغير: ثم إنما يصح الأمر إذا كان الآمر عاجزا بنفسه عجزا لا يرجى زواله كالعمى والزمانة، وإن كان عجزا يرجى زواله كالحبس والمرض إن دام إلى الموت يقع موقعه، وإن زال كان الحج على الآمر على حاله (قوله: بطلت حجته) الذي في الخانية والفتح والنهر حجة بدون ضمير، وقوله: وعلى هذا كل سنة تجيء أي إنه في السنة الثانية إن مات قبل مجيء وقت الحج جاز عن الباقي، وهو تسعة وعشرون، وإن مات بعده، وهو يقدر بطلت حجة واحدة، وهكذا في السنة الثالثة والرابعة إلى الآخر (قوله: وعلى هذا المرأة إذا لم تجد محرما) أي ينبني على اشتراط العجز الدائم هذه المسألة، وهي مذكورة في الخانية (قوله: فمنها أن يكون المحجوج عنه عاجزا إلخ) ذكر العلامة رحمه الله الشيخ السندي في منسكه الكبير أن من شروط صحة الحج عن الآمر أن يحرم من الميقات فلو اعتمر، وقد أمره بالحج ثم حج من مكة يضمن في قولهم جميعا، ولا يجوز ذلك عن حجة الإسلام؛ لأنه مأمور بحجة ميقاته. ا هـ. وهل إذا عاد إلى الميقات، وأحرم يقع عن الآمر ظاهر التعليل نعم فتأمل، وأما لو جاوز الميقات فقد وقع فيه اختلاف الفتوى بين المتأخرين في زمن منلا علي القاري، وقدمنا حاصل ذلك قبيل باب الإحرام فراجعه (قوله: وهو دليل الضعيف) في حكمه عليه بالضعف شيء إذ قال في الفتح: إن عليه جمعا من المتأخرين منهم صدر الإسلام والإسبيجابي وقاضي خان حتى نسب شيخ الإسلام هذا لأصحابنا قال في النهر: وفي العناية، وإليه مال عامة المتأخرين. ا هـ. وما عزاه إلى قاضي خان هو ما ذكره في شرح الجامع الصغير حيث قال: وهو أقرب إلى الفقه لكن صحح في فتاواه القول الأول فاعتراض بعضهم منشؤه عدم المراجعة. (قوله: لأن كل واحد منهما أمره إلخ) عدل عن قول الهداية فهي عن الحاج ويضمن النفقة؛ لأن الحج يقع عن الآمر حتى لا يخرج الحاج عن حجة الإسلام وكل واحد منهما أمره أن يخلص الحج له إلخ لما قال في العناية وذهب الشارحون إلى أن الدليل غير مطابق للمدلول قال: ثم قال صاحب النهاية، ولكن هذا التعليل تعليل حكم غير مذكور وتقدير الكلام ويضمن النفقة؛ لأنه خالفهما، وإنما لا يضمن النفقة إذا وافق؛ لأن الحج إلخ قال في السعدية، ولا قرينة على هذا التقدير ولذا قال في النهر: وما رأيت من أفصح منهم عن المرمى لكن رأيت في نسخة قديمة معتمدة لا إن الحج يقع عن الآمر بلا النافية، وليس تعليلا للمسألة، وقوله حتى لا يخرج غاية لقوله فهي عن الحاج نفلا، وهذا أولى ما رأيت فتدبره. ا هـ. قلت: وهذا أيضا لا يخفى بعده، وقد خطر لي جواب عن النسخة الأولى أظهر مما في النهاية بأن تجعل أل في الحج للعهد أي؛ لأن الحج المأمور به ما يقع عن الآمر، وقوله حتى لا يخرج تفريع عليه تأمل ثم رأيت جوابي بعينه أجاب به العلامة ابن كمال باشا في شرحه على الهداية. (قوله: فيقع عن المأمور نفلا) كذا في النهر والذي في شرح الباقاني أنه يخرج بها عن حجة الإسلام لكن قال في غاية البيان إنه يقع عن الآمر من وجه بدليل أن الحاج لا يخرج عن حجة الإسلام، ورأيت في الفتح ما يفيد ما ذكره الباقاني فإنه في الفتح ذكر صور الإبهام الأربعة الآتي ذكرها ثم قال: ومبنى الأجوبة على أنه إذا وقع عن نفس المأمور لا يتحول بعد ذلك إلى الآمر، وأنه بعدما صرف نفقة الآمر إلى نفسه ذاهبا إلى الوجه الذي أخذ النفقة له لا ينصرف الإحرام إلى نفسه إلا إذا تحققت المخالفة أو عجز شرعا عن التعيين. ا هـ. ولا شك في أنه إذا أحرم عنهما تحققت المخالفة، وعجز شرعا عن التعيين فيقع الحج عن نفسه وذكر في الفتح أيضا بعد ذلك فيما لو أحرم عن أحدهما غير عين أن المخالفة لم تتحقق بمجرد الإحرام، ولا يمكن أن يصير للمأمور؛ لأنه نص على إخراجها عن نفسه بجعلها لأحدهما فلا ينصرف إليه إلا إذا وجد أحد الأمرين اللذين ذكرناهما أي من تحقق المخالفة أو العجز عن التعيين، ولم يتحقق ذلك ما لم يشرع في الأعمال، ولو شوطا؛ لأن الأعمال لا تقع لغير معين فتقع عنه، وليس في وسعه أن يحولها إلى غيره، وإنما جعل الشرع له ذلك في الثواب. ا هـ. ومقتضاه أنه بعد شروعه في الأعمال تحققت المخالفة وامتنع تحويلها لغيره وبطل إخراجها عن نفسه، وإذا بطل إخراجها عن نفسه تقع عن فرضه؛ لأن الفرض يصح بمطلق النية عندنا، وقد ذكر في الفتح أيضا لو أمره بالحج فقرن معه عمرة لنفسه لا يجوز ويضمن اتفاقا ثم قال: ولا يقع عن حجة الإسلام عن نفسه؛ لأن أقل ما يقع بإطلاق النية، وهو قد صرفها عنه في النية، وفيه نظر. ا هـ. فقوله: وفيه نظر أي لما قدمه من أنه إذا تحققت المخالفة أو عجز شرعا عن التعيين، وقعت عن نفسه، ولا شك أنه إذا قرن تحققت المخالفة فتقع الحجة عن نفسه ولذا يضمن النفقة، وإذا وقعت عن نفسه يلغو صرفها عن نفسه فكأنه أحرم عن نفسه فتجزئه عن حجة الإسلام هذا ما ظهر لي (قوله: وسيأتي إخراجهما) قال الرملي الذي يأتي ليس فيه ذلك بل سيأتي ما يفيد أنه في مسألة الآمر لا فرق، وأن موضوع مسألة الأبوين الآتية آخر الباب في المتن في جعل الثواب، وأنه لا فرق فيه أيضا بين الأجنبي والوارث فراجعه وتأمل. ولا فرق بين الوارث والأجنبي إلا في واحدة أنه لو حج عن غيره بغير أمره إن كان وارثا يجزئه إن شاء الله تعالى، وإلا لا (قوله: فله أن يجعله عن أحدهما) يعني إذا لم يأمراه، وأحرم عنهما يمكنه إيقاعه بعد عن أحدهما بخلاف ما لو أمراه فإنه لا يمكنه إيقاعه عن أحدهما كما مر يعني على وجه يسقط به ضمان النفقة وحج الموقع عنه، وإلا فله جعل الثواب لأحدهما حيث وقع نفلا عن المأمور فإنه لا مانع من تبرعه بجعل ثواب عمله لمن أراد وبهذا التقرير اندفع ما أورده الرملي من أن جعل الثواب لا يتوقف على عدم الآمر بل له ذلك مطلقا؛ لأنه حيث، وقع الحج له فله جعل ثوابه لمن أراد. ا هـ. وسيأتي ما يعين ما قلنا، وأما ما اعترض به في النهر بأن من حج عن غيره بغير أمره لا يكون حاجا عنه لما مر أي من اشتراط الآمر بل جاعلا ثوابه له فلا يصح أن يكون التقييد بالآمر احترازا عما إذا لم يأمره لاستوائهما في أن الحج للفاعل في الوجهين. ا هـ. فمدفوع بأن كون الأمر شرطا لصحة النيابة لم يذكر في المتن، وإنما ذكره هو في شرحه بقوله وبقي من الشرائط أمره به والكلام فيما يفيده كلام المتن فتدبر. (قوله: ولو أحرم مبهما) اسم فاعل من الإبهام حال من فاعل أحرم أو اسم مفعول أي إحراما مبهما، وقوله من غير تعيين ما أحرم به حال على الوجهين لبيان ما وقع الإبهام به، وقوله لآمر معين متعلق بإحرام الأول. والحاصل أن المحرم به مبهم والمحرم عنه معين، وعامة النسخ هنا محرفة والصواب هذه (قوله: فصور الإبهام أربعة)، وهي أن يهل بحجة عنهما أو عن أحدهما على الإبهام أو بحجة من غير تعيين للمحجوج عنه أو يحرم عن أحدهما بعينه بلا تعيين لما أحرم به كذا في الفتح فالثالثة الإبهام فيها عكس الرابعة، وفي الحقيقة لا إبهام في الصورة الثالثة (قوله: وفي الثالثة لا يكون مخالفا) كذا في أغلب النسخ، وفي بعضها بزيادة قوله، وهي أن يكون الإبهام إما في الآمر أو في النسك أو فيهما والصواب إسقاطها إذ ليس من الصور ما يكون الإبهام فيها في النسك والآمر. (قوله:؛ لأنه مأمور بحج ميقاتي إلخ) يفهم منه أنه لو خرج إلى الميقات، وأحرم منه أنه يصح لكن يرد عليه أنه لما اعتمر جعل سفره للعمرة، ولم يؤمر به فيكون مخالفا كما يفيده قوله: الآتي؛ لأنه جعل المسافة إلخ، وقدمنا الكلام على المسألة قبيل باب الإحرام فراجعه، وقدمنا شيئا من ذلك قريبا في هذا الباب، وفي الباب الثالث عشر أي من الشروط عدم المخالفة فلو أمره بالإفراد أو العمرة فقرن أو تمتع، ولو للميت لم يقع حجه عن الآمر ويضمن النفقة، وقال في شرحه: ولعل وجهه أنه مأمور بتجريد السفر للحج عن الميت فإنه المفروض عليه وينصرف مطلق الأمر إليه إلا أنه يشكل إذا أمره بإفراد العمرة ثم إتيان الحج بعده أو صرح بالتمتع في سفره أو تفويض الأمر إليه. ا هـ. (قوله: بخلاف ما إذا حج أولا) مرتبط بقوله لم يكن مخالفا (قوله:؛ لأنه لو لم يظهر في الآخرة) تعليل الأولوية والآخرة بحركات أي آخر الأمر واسم الإشارة إلى ملك المنفعة بالإجارة (قوله: وإن لم يعين الموصي قدرا) معطوف على قوله فإن عين قدرا اتبع (قوله: وهو عدم خروج القافلة) الضمير عائد على عذر المضاف إلى غير (قوله: قالوا إن كانت إقامة معتادة لم تسقط) ظاهره، ولو بلا عذر انتظار القافلة، ولو أكثر من خمسة عشر يوما فهو مخالف لما قبله. (قوله: وعليه الحج من قابل بمال نفسه) مكروه مع ما قبله، وأظن أنه تغيير من سبق القلم والأصل، وعليه الحج من قابل في نفسه؛ لأن عبارة السراج عن الكرخي فلا يلزمه الضمان، وعليه في نفسه الحج من قابل؛ لأن الحج لزمه بالدخول إلى آخر ما يأتي عن النهر (قوله: ولم يصرحوا بأنه في الإحصار والفوات إلخ) قال: في النهر علله في السراج بأن الحج لزمه بالدخول فإن فات لزمه قضاؤه، وهو ظاهر على قول محمد إن الحج يقع عن الحاج. ا هـ. يعني، وعلى قول غيره من أنه يقع عن الآمر فينبغي أن يكون القضاء عنه وتلزمه النفقة. ا هـ. قلت: رأيت في التتارخانية ما هو صريح في الجواب قال: وفي المنتقى إذا أوصى أن يحج عنه فأحج الوصي عنه رجلا فأحرم الرجل بالحج عن الميت ثم قدم، وقد فاته الحج قال محمد رحمه الله يحج عن الميت من بلده إذا بلغت النفقة، وإلا فمن حيث بلغ، وعلى المحرم قضاء الحج الذي فات عن نفسه، ولا ضمان عليه فيما أنفق، ولا نفقة له بعد الفوت. ا هـ. وفيها قبل هذا بنحو ورقة التهذيب قال أبو يوسف الحاج عن الغير إذا فسد حجه قبل الوقوف عليه ضمان النفقة، وعليه الحج الذي أفسده، وعمرة وحجة للآمر، ولو فاته الحج لا يضمن؛ لأنه أمين، وعليه قضاء الفائت وحج عن الآمر ثم قال: وفي الحاوي، وإن كان شغله حوائج نفسه حتى فاته الحج فإنه ضامن للنفقة، ولو حج بعد ذلك من قابل من ماله عن الميت يجوز عن الميت. ا هـ. نقله في السراج ثم قال: وقال زفر لا يجزئه عنه ويضمن المال، وإن فاته الحج بآفة سماوية أو بمرض أو سقط من البعير قال محمد لا يضمن النفقة ونفقته في رجوعه من ماله خاصة ثم نقل عن الكرخي ما قدمناه من أنه لا يلزمه الضمان، وعليه في نفسه الحج من قابل إلى آخر ما ذكره في النهر والذي تحرر من هذه النقول أنه إما أن يفوته بتقصيره أو لا ففي الأول يضمن النفقة ويحج من قابل عن الميت من ماله كما في الحاوي، وفي الثاني لا يضمن النفقة، ويحج من قابل عن نفسه على ما في المنتقى والسراج، وأما على ما في التهذيب فعن الآمر، والظاهر أن الأول قول محمد كما صرح به في المنتقى والثاني قول أبي يوسف كما هو ظاهر عبارة التهذيب ويدل عليه ما مر في النهر عن السراج ثم على ما في التهذيب من أنه عن الآمر ظاهر قوله، وعليه قضاء الفائت وحج عن الآمر أنه يجبر عليه من ماله والظاهر أن قوله وحج عن الآمر هو المراد بقضاء الفائت لا غيره تأمل. (قوله: وفيه ما تقدم من التردد في وقوعه عن الآمر) قد علمت مما مر عن التتارخانية عن التهذيب أنه إذا أفسده قبل الوقوف عليه قضاء الحج الذي أفسده، وعمرة وحجة للآمر وصرح في المعراج بأن الأصح أن عليه حجة أخرى للآمر سوى القضاء فيحج عن نفسه ثم عن الآمر. ا هـ. (قوله: فيجب على الآمر الإحجاج) لا يخفى أنه بحث مع المنقول، وقد مر جوابه عن المقدسي. (قوله: ويصدق عليه أنه بثلث ما بقي إلخ) قال في النهر لا يخفى أن المتبادر من ثلث ما بقي يعني من التركة على أن المصنف رمز على صحة الخلاف بقوله من منزله وبثلث ما بقي، وعلى ما ادعى لا خلاف أنه يحج عنه بثلث تركته. ا هـ. والمراد بالخلاف ما سنذكره عن الفتح. (قوله: وعلى هذا الخلاف المأمور بالحج إلخ) أي يحج عنه من منزله عنده، وعندهما من حيث مات ثم عنده يحج عنه من ثلث ما بقي وقال محمد ينظر إن بقي من المدفوع شيء حج به، وإلا بطلت الوصية، وقال أبو يوسف إن كان المدفوع تمام الثلث كقول محمد، وإن كان بعضه يكمل فإذا بلغ باقيه ما يحج به، وإلا بطلت مثلا كان المخلف أربعة آلاف دفع الوصية ألفا فهلكت يدفع إليه ما يكفيه من ثلث الباقي أو كله، وهو ألف فإن هلكت الثانية دفع إليه من ثلث الباقي بعدها هكذا مرة بعد مرة إلى أن لا يبقى ما ثلثه يبلغ الحج فيبطل، وعند أبي يوسف يأخذ ثلثمائة وثلاثة وثلاثين وثلثا فإنها مع تلك الألف ثلث الأربعة الآلاف فإن كفت، وإلا بطلت الوصية، وعند محمد إن فضل من الألف الأولى ما يبلغ، وإلا بطلت فالخلاف في موضعين فيما يدفع ثانيا، وفي المحل الذي يجب الإحجاج منه ثانيا وتمامه في الفتح. (قوله: فهلكت النفقة إلخ) قال في الخانية، ولو ضاع مال النفقة بمكة أو بقرب منها أو لم يبق مال النفقة فأنفق المأمور من مال نفسه كان له أن يرجع في مال الميت، وإن فعل ذلك بغير قضاء؛ لأنه لما أمره بالحج فقد أمره بأن ينفق عنه (قوله: فحج عنه ابنه ليرجع في التركة فإنه يجوز)، وكذا لو أحج الوارث رجلا من مال نفسه ليرجع كما في الخانية ولينظر لم جاز في هاتين المسألتين حج الوارث وإحجاجه، ولم يجز حجه في المسألة المارة قريبا عن الفتح إلا بإجازة الورثة ؟. اللهم إلا أن يقال: ما هنا محمول على ما إذا لم يكن وارث غيره (قوله: ولو حج على أن لا يرجع فإنه لا يجوز) كذا في الخانية حيث قال: الميت إذا أوصى بأن يحج عنه بماله فتبرع عنه الوارث أو الأجنبي لا يجوز. ا هـ. لكن قال بعده: ولو أوصى بأن يحج عنه فأحج الوارث من مال نفسه لا ليرجع عليه جاز للميت عن حجة الإسلام فقد فرق في مسألة عدم الرجوع بين ما إذا حج بنفسه وبين ما إذا أحج غيره عن الميت، ولم يذكر وجه الفرق فلينظر نعم قد يفرق بأنه في الأولى أوصى بأن يحج بماله دون الثانية لكن ليس في كلام التجنيس والخانية ذلك. (قوله: فلو استؤجر على الحج إلخ) قال: في الفتح بعد أن ذكر أن ما ينفقه المأمور إنما هو على حكم ملك الميت؛ لأنه لو كان ملكه لكان بالاستئجار، ولا يجوز الاستئجار على الطاعات، وعن هذا قلنا لو أوصى أن يحج عنه، ولم يزد على ذلك إلى آخر المسألة التي قدمها المؤلف عنه ثم قال: وإذا علم هذا فما في فتاوى قاضي خان من قوله إذا استأجر المحبوس رجلا ليحج عنه حجة الإسلام جازت الحجة عن المحبوس إذا مات في الحبس وللأجير أجر مثله مشكل لا جرم أن الذي في الكافي للحاكم أبي الفضل في هذه المسألة قال: وله نفقة مثله هي العبارة المحررة وزاد إيضاحها في المبسوط فقال: وهذه النفقة ليس يستحقها بطريق العرض بل بطريق الكفاية؛ لأنه فرغ نفسه لعمل ينتفع به المستأجر هذا، وإنما جاز الحج عنه؛ لأنه لما بطلت الإجارة بقي الأمر بالحج فتكون له نفقة مثله. ا هـ. وأجيب عن قاضي خان بأنه أراد ما قاله الحاكم غير أنه عبر عن نفقة المثل بأجر المثل لمشاكلة صفة العبارة المناسبة للفظ الإجارة واعترض بأن المشاكلة إنما تحسن في المقامات الخطابية لا في إفادة الأحكام الشرعية قيل وينبغي جواز الاستئجار بناء على المفتى به من جواز الاستئجار على الطاعات. ا هـ. وفيه نظر يظهر مما قدمناه أول الباب، وقد نص في المتن والمختار والمواهب والمجمع وغيرها من المتون المعتبرة على عدم جوازها على الحج وغيره من الطاعات واستثنى في المتن تعليم القرآن وزاد صدر الشريعة الفقه وزاد في المجمع والمختار الإمامة وزاد بعضهم الأذان، وقد جمع الأربعة في متن التنوير، وقد صرح الشرنبلالي في رسالته بلوغ الأرب بأنه لم يذكر أحد من مشايخنا جواز الاستئجار على الحج، وما قيل إنه صرح به القهستاني فغير صحيح نعم صدر كلامه موهم لذلك، ولكن يرفعه التعليل كما يعلم من مراجعته، ولو سلم فلا يعتبر بما ينفرد به كما هو مشهور كما لا عبرة بما ينفرد به الزاهدي كيف، ولو صح يلزمه هدم كثير من الفروع منها ما مر عن الكمال، ومنها وجوب رد الزائد من النفقة إلا بالشرط السابق، ومنها اشتراط الإنفاق بقدر مال الآمر أو أكثره وغيرها مما يظهر للمتأمل المتتبع إذ لو صحت الإجارة لما لزم شيء من ذلك هذا ما ظهر لي، والله تعالى أعلم. (قول المصنف: ومن أهل بحج عن أبويه فعين صح) قال: في الشرنبلالية يفيد بطريق أولى أنه إذا أهل عن أحدهما على الإبهام له أن يجعلها عن أحدهما بعينه كما في الفتح وتعليل المسألة بأنه متبرع بجعل ثواب عمله لأحدهما يفيد وقوع الحج عن الفاعل فيسقط به الفرض عنه، وإن جعل ثوابه لغيره قال في الفتح: ومبناه على أن نيته لهما تلغو بسبب أنه غير مأمور من قبلهما أو أحدهما فهو معتبر فتقع الأعمال عنه ألبتة، وإنما يجعل لهما الثواب ويفيد ذلك ما في الأحاديث التي رواها الكمال بقوله: اعلم أن فعل الولد ذلك مندوب إليه جدا لما أخرجه الدارقطني عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عنه صلى الله تعالى عليه وسلم: «لمن حج عن أبويه أو قضى عنهما مغرما بعث يوم القيامة مع الأبرار»، وأخرج أيضا عنه رضي الله تعالى عنه أنه عليه السلام قال: «من حج عن أبيه وأمه فقد قضى عنه حجته، وكان له فضل عشر حجج»، وأخرج أيضا عن زيد بن أرقم رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: «إذا حج الرجل عن والديه تقبل منه، ومنهما واستبشرت أرواحهما وكتب عند الله برا». ا هـ. قلت: وقول الفتح، ومبناه على أن نيته لهما تلغو إلخ يفيد أنه لو كان مأمورا لا تلغو فلا تقع الأعمال عنه مسقطة للفرض فيصلح ردا لما ذكره الباقاني فيما مر لكن يعكر على ما تقدم ما يأتي قريبا من أنه إذا لم يوص فتبرع الوارث إما بالحج بنفسه أو بالإحجاج عنه رجلا يجزئه أي يجزئ الميت عن حجة الإسلام كما يذكره عن المبسوط ويبعد أن يقال: يجزئ عنهما كما يوهمه ظاهر الحديث الأخير فليتأمل. (قوله: واختار في فتح القدير أنها كراهة تحريم) ظاهره أن كلام الفتح في كراهة الإحجاج، وليس كذلك بل هو في الحج نفسه فإنه قال: والذي يقتضيه النظر أن حج الصرورة عن غيره إن كان بعد تحقق الوجوب عليه بملك الزاد والراحلة والصحة فهو مكروه كراهة تحريم عليه؛ لأنه يتضيق عليه والحالة هذه في أول سني الإمكان فيأثم بتركه، وكذا لو تنفل لنفسه، ومع ذلك يصح؛ لأن النهي ليس لعين الحج المفعول بل لغيره، وهو خشية أن لا يدرك الفرض إذ الموت في سنته غير نادر. ا هـ. وبه تأيد ما يذكره من التحقيق هذا ورأيت في فتاوى العلامة حامد أفندي العمادي مفتي دمشق ما نصه، وهل يجب على حاج الصرورة أن يمكث بمكة حتى يحج عن نفسه لم أره إلا في فتاوى أبي السعود المفسر بما صورته مسألة: كعبه شريفه يه وارمين زيد فقير عمرك حج شريف ايجون تعيين ايتدوكى اقجه اولوب عمر ونيتنه حج ايلسه شرعا جائزا، ولو رمى الجواب اكرجه جائز دراما ير دفعه حج ايده له ايتدرمك كر كدر زبر ابوندن واروب حج اشمك لازم الورانده مجاورا وليجق عمرك حجتي إتمام اتممش اولور. ا هـ. أقول: وفي هذا الكلام بحث إن لم يوجد نقل صريح؛ لأنه حج بقدرة الغير لا بقدرة نفسه، وماله، وإذا أتم الحج يمضي أشهر الحج فإنها شوال وذو القعدة، وعشر ذي الحجة فكيف يجب عليه المكث حتى تأتي أشهره فإذا كان فقيرا أو له عائلة في بلده يجب عليه المكث إلى السنة الآتية بلا نفقة مع تركه عياله يحتاج إلى نقل صريح في ذلك فتأمل. ثم بعد ذلك رأيت بخط بعض الفضلاء ناقلا عن مجمع الأنهر على ملتقى الأبحر ما صورته: ويجوز إحجاج الصرورة، ولكن يجب عليه عند رؤية الكعبة الحج لنفسه، وعليه أن يتوقف إلى عام قابل ويحج لنفسه أو أن يحج بعد عودة أهله بماله، وإن فقيرا فلتحفظ والناس عنها غافلون وصرح علي القاري في شرح مناسكه الكبير بأنه بوصوله لمكة وجب عليه الحج. ا هـ. وفي نهج النحاة لابن حمزة هذه المسألة من كلام حسن فلتراجع. ا هـ. ما رأيته في الحامدية. ورأيت في بعض حواشي الدر المختار أنه أفتى بعدم وجوب الحج عليه مولانا العارف بالله تعالى الشيخ عبد الغني النابلسي لتلبسه بالإحرام عن الغير ووجود الحرج المرفوع لو أقام إلى قابل، وألف في ذلك رسالة، وأفتى بخلافه مولانا السيد أحمد بادشاه في رسالة له ويدل له قول منلا علي القاري في شرحه لو حج الفقير نفلا يجب عليه أن يحج حجا ثانيا ا هـ. (قوله: وفي رواية ابن سماعة لا يجوز أن يهدي قيمته) ظاهره أنه يجوز أن يهدي مثله وحينئذ فلا فرق بينه وبين رواية أبي حفص لكن ظاهر كلام النهر أنه لا يجوز أن يهدي مثله أيضا (قوله: وإن اختلفت أجناسهم إلخ) هذا صريح في خلاف ما قدمه في القران والجنايات من أن الاشتراك لا يكفي في الجنايات بخلاف دم الشكر ونبهنا عليه هناك فلا تغفل، وما هنا صرح به في شرح اللباب أيضا (قوله: وأما إذا اشتراها للهدي من غير نية الشركة إلخ) ذكر في أضحية الدرر وصح لو أحد أشرك ستة في بدنة مشرية لأضحية استحسانا، وفي القياس لا تجوز، وهو قول زفر؛ لأنه أعدها للقربة فلا يجوز بيعها وجه الاستحسان أنه قد يجد بقرة سمينة، ولا يجد الشريك وقت الشراء فمست الحاجة إلى هذا وندب كون الاشتراك قبل الشراء ليكون أبعد عن الخلاف، وعن صورة الرجوع في القربة. ا هـ. فعلى ما هنا تقييد ما في الدرر بما إذا نوى الشركة عند الشراء تأمل (قوله: ليس له الاشتراك فيها) قال: في الفتح فإن فعل فعليه أن يتصدق بالثمن (قوله: فهو مطرد منعكس) أورد عليه ما مر من جواز إهداء القيمة في رواية أبي سليمان مع أن القيمة لا تجزئ في الأضحية فهو وارد على عكس كلام المصنف، وعلى طرد كلام الهداية، وفيه أن ما واقعة على ما فسر به الهدي، وهو الإبل والبقر والغنم ولذا قال: في النهر، وما أي كل حيوان على أن المذهب رواية ابن سماعة عدم الجواز، وأيضا قد تجزئ القيمة في الأضحية كما لو مضت أيامها، ولم يضح الغني فإنه يتصدق بقيمة شاة تجزئ فيها. (قول المصنف إلا في طواف الركن جنبا إلخ)، ولا ثالث لهما في الحج لباب قال شارحه: وفيه نظر إذ تقدم أنه إذا مات بعد الوقوف، وأوصى بإتمام الحج تجب البدنة لطواف الزيارة وجاز حجه، وكذا عند محمد تجب في النعامة بدنة، وقوله في الحج احتراز عن العمرة حيث لا تجب البدنة بالجماع قبل أداء ركنها من طواف العمرة، ولا أداء طوافها جنبا. (قوله: وأفاد بقوله هدي التطوع أنه بلغ الحرم) نظر في هذه الإفادة في النهر، ولم يبين وجه النظر، ولعل وجهه منع أنه لا يسمى هديا قبل بلوغه الحرم يدل عليه قوله تعالى: {هديا بالغ الكعبة} فإن بالغ سواء قدر صفة أو حالا مقدرة على ما مر يفيد تسميته هديا قبل البلوغ ويؤيده أيضا ما سيأتي من أنه لو عطب أو تعيب قبل بلوغه محله نحره وصبغ نعله بدمه وضرب ليعلم أنه هدي فيأكله الفقير دون الغني إلخ (قوله: مع أنه قدم إلخ) قال: في النهر، وفيه مخالفة لما في البدائع من وجهين: الأول وجوب التصدق فيما له الأكل منه أيضا الثاني أنه لا ينظر إلى الثمن فيما لا يجوز أكله ويمكن التوفيق في الثاني بأن ينظر إلى الثمن إن كان أكثر من القيمة، وإلى القيمة إن كانت أكثر قاله بعض العصريين، وفيه نظر إذ مقتضى كونه باع ملكه أنه لا ينظر إلى القيمة، وما في البحر من أن التصدق بالثمن فيما لا يجوز أكله وبالقيمة فيما يجوز والجواز في الأول بمعنى الصحة لا الحل فيه نظر فتدبره. ا هـ. والظاهر أن المراد بالنظر ما قدمه هذا، وأنت خبير بأنه لا وجه لذكر الوجه الأول؛ لأن وجوب التصدق بقيمة ما يؤكل لا يقتضي وجوب التصدق به نفسه كالأضحية لا يجب التصدق بها، ولو باع جلدها أو شيئا من لحمها بمستهلك أو دراهم يجب التصدق بالثمن فليس مخالفا لقول البدائع لا يجب عليه التصدق بلحمه، وبما ذكرنا تعلم سقوط النظر فإن الأضحية ملكه ونظر فيها إلى الثمن فينظر إلى القيمة في مسألتنا، وإلا فما الفرق بينهما وبالجملة فالمخالفة ظاهرة في الوجه الثاني، وهو وجوب التصدق فيما لا يجوز له أكله بالثمن على ما في البدائع وبالقيمة على ما في الفتح وبقي مخالفة من وجه آخر، وهو أن ظاهر ما في البدائع عدم وجوب التصدق بشيء فيما يجوز له أكله لتخصيصه وجوب التصدق فيما لا يجوز، وظاهر كلام الفتح وجوب التصدق فيهما وبيان التوفيق الذي ذكره المؤلف أن يقيد قول الفتح فإن باع شيئا إلخ بما يجوز الأكل منه فقول البدائع يتصدق بثمنه خاص بما لا يجوز كما هو صريح كلامه، وقول الفتح فعليه أن يتصدق بقيمته خاص بما يجوز فانتفت المخالفة بوجهيها هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل فتأمل ثم رأيت في اللباب وشرحه قال: فلو استهلكه بنفسه بأن باعه ونحو ذلك بأن وهبه لغني أو أتلفه وضيعه لم يجز، وعليه قيمته أي ضمان قيمته للفقراء إن كان مما يجب التصدق به بخلاف ما إذا كان لا يجب عليه التصدق به فإنه لا يضمن شيئا. ا هـ. وهو موافق لظاهر كلام البدائع (قوله: وإن باع مما لا يجوز له أكله) كذا في كثير من النسخ بلا النافية هنا، وفيما قبله والصواب حذفها هنا كما يوجد في بعضها. (قوله: وأفاد أنه إن أعطاه منها أجرته إلخ) قال ابن الهمام، وليس له بيع شيء من لحوم الهدايا فإن باع شيئا أو أعطى الجزار أجره منه فعليه أن يتصدق بقيمته، وقال الطرابلسي، ولا يعطي أجرة الجزار منها فإن أعطى صار الكل لحما؛ لأنه إذا شرط أعطاه منه يبقى شريكا له فيها فلا يجوز الكل لقصده اللحم، وإن أعطاه من غير شرط قبل الذبح ضمنه، وإن تصدق بشيء منها عليه من غير الأجرة جاز إن كان أهلا للتصدق عليه كذا في شرح اللباب. (قوله: وظاهر كلامهم أنها إن نقصت بركوبه إلخ) تابعه في النهر وتعقبه في الشرنبلالية بأن المصرح به خلافه قال في الجوهرة: ومن ساق بدنة فاضطر إلى ركوبها فإن ركبها أو حمل عليها متاعه ونقص منها شيء ضمن النقصان وتصدق به، وإذا استغنى عنها لم يركبها. ا هـ. وكذا صرح البرجندي بقوله، ولا يركب إلا لضرورة بأن كان عاجزا عن المشي، وإذا ركبها وانتقص بركوبه فعليه ضمان ما نقص من ذلك. ا هـ. وكذا صرح في الهداية بقوله، وإن استغنى عن ذلك لم يركبها إلا أن يحتاج إلى ركوبها، ولو ركبها فانتقص بركوبه فعليه ضمان ما نقص من ذلك. ا هـ. ومثله في كافي النسفي، ومثله في الفتح عن كافي الحاكم قال: فإن ركبها أو حمل متاعه عليها للضرورة ضمن ما نقصها ذلك يعني إن نقصها ذلك ضمنه. ا هـ. مسائل منثورة) (قوله: بل صورته لو وقف الإمام بالناس ظنا منه إلخ) قلت: يمكن أن يقال: حمل الإمام على الوقوف بمجرد الظن مستحيل في هذا الموقف العظيم، وقالوا غلبة الظن منزلة منزلة اليقين فيحمل عليه كذا في الشرنبلالية. (قوله: أن يكون من جنس المنذور واجبا) كذا في الفتح والنسخ التي رأيتها وصوابه واجب بالرفع (قوله: ومقتضى الأصل) أي القياس لا أصل الإمام محمد (قوله: يسقط بحجة الإسلام عند أبي حنيفة) الذي في الفتح عند أبي يوسف. (قوله: ليس له الرد بالعيب)؛ لأنه يمكنه إزالته بالتحليل، وفيه خلاف زفر قال: ليس له ذلك فله الرد بالعيب كما في الفتح والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
|